سوق الاطرقجية

سوق الأطراقجية .. إحد الأسواق القديمة الرئيسة التي عرفتها منطقة باب الطوب في الموصل قبل أكثر من قرون عدة من الزمان ، وتطلق كلمة “ الأطراقجي “ على أولئك الناس الذين يزاولون مهنة التجارة بالمفروشات ، والزوالي ، وقد عرفت مثل هذه المهنة في الموصل أبان خضوع المدينة لفترة الحكم العثماني




ويمكن الإستدلال على ذلك من الرجوع إلى أصل لفظة ( الأطراقجي ) التي هي مفردة تركية لا يقابلها في المعنى عندنا سوى ( تجارة المفروشات والزوالي ) ، ومن خلال معايشتنا للوضع القائم ؛ يمكننا القول أن مثل هذه التجارة تنشط موسمياً مع إقتراب حلول فصل الشتاء ، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى أدنى مستوياتها في عموم البلاد ، وبخاصة في المناطق الشمالية ، حيث يحرص أبناء هذه المناطق على تأمين ما يحتاجونه من مفروشات وقطع السجاد قبل وقت كافٍ من حلول موسم البرد ..
و يقول الباحث طلال صفاوي أن سوق " الأطراقجية " في الموصل شهدت تنظيماً إدارياً في وقت مبكر من تأريخ الإعلان عن تأسيس ( الدولة العراقية الحديثة ) ، حيث كان ( أطراقجيو ) الموصل سباقين في تأسيس أول جمعية رسمية بأسمهم ، وكان ذلك في 10 / 7 / 1930 ؛ حين تقدّم عدد منهم بطلب التأسيس إلى متصرفية لواء الموصل آنذاك شارحين الغاية من تشكيل الجمعية التي كانت تهدف بالأساس العناية بأعضاء الجمعية وتقديم الرعاية الكاملة لهم مادياً ، ومعنوياً ، وتنظيم حركة السوق الخاصة بصنف تجارتهم ، ووضع برنامج متكامل ينظم ( سياسة ) الأسعار ، وأمور أخرى وطنية ، وتنظيمية .. ، ومن ابرز الأسماء التي أسهمت في وضع اللبنات الأولى لجمعية الأطراقجية آنذاك .. داؤود جاسم .. عزيز صفاوي .. علي بن حسن الزيدان .. مصطفى إبراهيم .. مصطفى مال الله .. مجيد مصطفى .. عبد الكريم ملا ياسين .. وغيرهم ..
وبقيت هذه الجمعية الرائدة تزاول نشاطها لسنوات عديدة ، ثم تلاشت شيئاً .. فشيئاً ..
ويضيف :أما اليوم ؛ فسوق الأطراقجية في الموصل ؛ إنتشرت إلى أماكن أبعد من موقعها الرئيس .. وتوزعت المحال التي تعرض المفروشات والسجاد لتشمل جانبي المدينة ، كما أن السوق لم تبق حكراً على ( الأطراقجية ) الأوائل ومن خلفهم ، بل شهدت دخول تجار جدد إليها ..
أما الناحية العملية فقد إختلف حال السوق عمّا كان سابقاً ؛ حيث كانت هذه السوق من الأسواق التي ( نزورها) النخبة بشكل عام ، وهواة جمع ( الأنتيكات ) ، حيث كانت تجري المنافسات الحقيقية ما بين الأسر المعروفة لإقتناء أفخم أنواع السجاد المستورد من مناشيء عالمية مثل السجاد الإيراني المعروف وغيره ، وغالبا ما كانت السوق تحفل بالعديد من ( الخبراء ) الذين توكل لهم في العادة في مهمة ( تخمين ) سعر السجاد ، والتأكد من مصدره من خلال طرائق عملية أدركوها من جراء التجربة ، والسنوات الطويلة التي قضوها في هذه الحرفة .. وحالياً نرى أن السوق مهتمة فقط بالربح المادي البحت ، والتجار منشغلون بتوفير السجاد المستورد من مناشيء متواضعة من أجل مساعدة المواطن البسيط للحصول على حاجاته بأقل ثمن يمكن أن يدفعه مراعاة لظرفه المعيشي .. وأعتقد أن هذه السوق سوف تشهد ولادة من جديد ، وعودة سريعة إلى سالف عهدها خلال المواسم القادمة ، حين يتحسن الوضع الإقتصادي للمواطن أكثر .. وأكثر ؛ وحري بنا أن ندعو من خلال الفرصة التي أتيحت لنا إلى ضرورة تنشيط صناعة السجاد في بلدنا ؛ حيث نمتلك طاقات هائلة في هذا الصدد ، كما أن خبراتنا لا تقل شأناً عن الدول التي عرفت بهذا النشاط التجاري …